فضل الانصات وترديد الأذان

Categories :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي جعل للمسلم تذكرة يذكر فيها اللَّه سبحانه وتعالى وأوقات تُجلب فيها له الحسنات دون عناء ولا شقاء. ووهب له أوقات تستجاب بها الدعوات. والصلاة والسلام على خاتم الرسالات سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

مررنا في الصغر على فترة من فترات العمر يصمت فيها كل شئ عند رفع الأذان. وتلهج الألسن خلف المؤذن تردد الكلمات بكل وقار، طلبا للذكر وحسن الجزاء. كانت محطات التلفاز إذا أتى وقت الأذان يقف الإرسال عن البث لمدة من الزمن لا يرسل فيها إلا صوت الأذان وما تبعه من دعاء مأثور. فترى الأسرة صغيرها قبل كبيرها يرددون خلف المؤذن بخشوع وتأني. تُذَكِر الأم أطفالها بفضل الأذان وثواب من يردد خلف المؤذن. ويؤدب الأب أبناءه على الصمت والانصات ويذكرهم اهمية الانصات والاستماع والانصياع وترديد عبارات الأذان خلف المؤذن طلب المغفرة والأجر. كنا ونحن صغار عند الأذان وكأن الطير فوق رؤوسنا لا همس ولا صوت إلا ترديد ما يقوله المؤذن.

مر ذلك الزمان وما به من حسنات. واصبحنا في زمن ترتفع فيه الضحكات والمؤذن يُذكِر بالصلاة ويدعوا لها. وتذاع الأغاني وتعرض الافلام دون أن يلتفت أحد لفضل الاستماع وفضل ترديد الاذان خلف المؤذن. بل يأتيك أحدهم فيقول سائلاهل رفع الأذان؟؟“. وربما صوت التلفاز أعلى من صوت المؤذن، فلا تركيز ولا ترديد لعبارات الأذان التي تجلب الخير والبركة.

لذى وجب التذكير بفضل ترديد الأذان. حتى لا تضيع الحسنات وتلجم الشهوات وتحيى السنن المباركات.

فعن عبدالله بن عمرو رضي الله تعالى عنه أن رجلًا قال: يا رسولَ الله، إن المؤذنين يَفْضلوننا؟ فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((قلْ كما يقولون، فإذا انتهيتَ فسلْ تُعْطَه))؛ (رواه أبو داود) وصححه الألباني.

هذه بشارة من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وهي بشارة عظيمة، إذا قلت كما قال المؤذن وبعد الانتهاء، دعائك مستجاب، فسل تُعطى. فهل يُضيع عاقل هذه الفرص التي تردد كل يوم خمس مرات!!

وعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا قال المؤذِّن: الله أكبر الله أكبر، فقال أحدُكم: الله أكبر الله أكبر، ثمَّ قال: أشهدُ أن لا إله إلا الله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، ثم قال: أشهد أن محمدًا رسولُ الله، قال: أشهد أن محمدًا رسول الله، ثم قال: حيَّ على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حيَّ على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثمَّ قال: الله أكبر الله أكبر، قال: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: لا إله إلا الله، قال: لا إله إلا الله، من قلبهدخل الجنَّة))؛ مسلم.

وهذه بشارة أعظم. مَنْ منا لا يريد دخول الجنة. فقط ردد من قلبك مخلصا ما يقوله المؤذن وحوقل عند حيَّ على الصلاة وحيَّ على الفلاح، تدخل الجنة. فهل بعد هذه البشارة أمر يلهينا عن الانصات وترديد قول المؤذن. وهل بعد هذا الفضل فضل يرتجيه المؤمن وهو مَنْ يسعى لرضى ربه ويرجوا دخول جنته.

وعن جابر بن عبدالله رضي الله تعالى عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن قال حين يسمعُ النداءَ: اللهمَّ ربَّ هذه الدعوةِ التامَّةِ، والصلاةِ القائمة، آتِ محمدًا الوسيلةَ والفضيلةَ، وابعثْه مقامًا محمودًا الذي وعدتَه، حلَّتْ له شفاعتي يومَ القيامةِ))؛ (البخاري).

أخي العزيز، أختي العزيزة، ولدي الراجي رضى ربه، أبنتي العزيزة الغالية، إن الدعاء بعد الأذان يؤدي إلى نيل شفاعة أفضل الخلق. في يوم أنت وأنتِ بحاجة لكل ذرة حسنة تنجيك، فكيف بك بشفاعة سيد بني آدم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. أنصت للمؤذن وردد خلفه بقلب حاضر خاشع تنل شفاعة الرسول الرحيم صلوات الله وسلامه عليه.

عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: “مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ” [مسلم].

فكيف يترك من كان هذا فضله. هي دقائق يستمع بها المرء ويردد كلمات تُذَكِرهُ باللهِ سبحانه وتعالى فيأخذ بذلك الخير الوفير ويُغفر له ذنبه.

فيا أيها الاخوة والاخوات والأبناء الأعزاء، أجعلوا لكم ولأبنائكم عادة الانصات والترديد خلف المؤذن كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم تفلحوا ويفلح أبنائكم و تنالوا الحسنات ومغفرة الذنوب.

بدر العامري
٣٠ جمادى الثاني ١٤٤٢
الموافق ١٢ فبراير ٢٠٢١